اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 616
وإذا ولدت أنثى تركت للنّتاج فلم تذبح، وإذا كان المولود ميتا اشترك فيه- أي في أكله- الذكور والإناث، والله يجزيهم على قولهم ووصفهم الكذب في ذلك، إنه سبحانه حكيم في صنعه وتدبيره، عليم بأفعال وأقوال خلقه.
ثم حكم الله تعالى على المشركين بالخسارة الفادحة حين قتلوا أولادهم ووأدوا بناتهم، سفها أي حماقة وجهلا، خوفا من ضرر موهوم وهو الفقر، وحين حرموا على أنفسهم طيّبات الرزق افتراء وكذبا على الله، إنهم ضلّوا ضلالا واضحا بعيدا عن الحق، ولم يهتدوا إلى الصواب، ولم يرشدوا إلى خير أبدا لا في الدنيا ولا في الآخرة.
الرّد على المشركين لإثبات قدرة الله تعالى
التّشريع في الإسلام منوط بمن يملك القدرة اللامتناهية على خلق الأشياء وإيجادها، وبما أن الله تعالى هو وحده مبدع الكائنات كلها، وصاحب النّعم الجليلة، فهو مصدر التشريع من إباحة وتحريم، وإيجاب ومنع، وليس للبشر الحق في أن يحرّموا أو يحلّلوا ما شاؤوا من غير حجة بيّنة ولا برهان واضح، لذا نبّه القرآن الكريم إلى هذه القضية المهمة الخطيرة، فلما افترى المشركون على الله الكذب، وأحلّوا وحرّموا، دلّهم على قدرته ووحدانيّته تعالى، وأوضح لهم أن الخالق المبدع هو صاحب الحق في التحليل والتحريم، فقال الله عزّ وجلّ:
[سورة الأنعام (6) : الآيات 141 الى 144]
وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشابِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141) وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (142) ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (143) وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (144)
»
«2»
(1) محتاجه للتّعريش كالكرم.
(2) مستغنية عنه كالنّخل.
اسم الکتاب : التفسير الوسيط المؤلف : الزحيلي، وهبة الجزء : 1 صفحة : 616